الأحد، 6 نوفمبر 2016

حضانة الطفل .. ومقايضة الأم

حضانة الأطفال قضية تصاعد ‏خَطْبُها وتفاقم ضررها
أتمنى أن تُثار القضية وتتحول لرأي عام لعل النظر يُعاد في الأحكام التعسفية بحق الطفل والأم وتَحِد من ظاهرة تعنيف الأطفال.

راجياً من الله مُساهمة مقالي في تحريك القضية.

‏إن الرأي الفقهي المعتمد لدينا للأسف ( إذا افترقا الزوجين فحضانة الطفل للأم حتى يبلغ سن معيِّن ثم يُخيِّر في العيش بين أمه وأبيه ) لكن تَخْيِير الطفل أو الطفلة لا يكون إلا بعد مقايضة الأم في التنازل عن حقها في الزواج! وان تزوجت يُنتزع منها الطفل عقب فِطامه.
هذا الرأي الفقهي يعارض العقل والمنطق والأدلة الشرعية وصحة الطفل النفسية والبدنية، كما سنثبت بعون الله.


أضرار حرمان الطفل من أمه:

أثبتت الدراسات العلمية_منتشرة على الشبكة العنكبوتيه مما أغنى عن سردها هنا_أن الحرمان العاطفي للطفل يترتب عليه الأضرار التاليه

_نموه العقلي والاجتماعي والنفسي والبدني.
_ عُقد نفسيه، انفصام، تبول لاإرادي، اضطراب في النوم، فقدان الثقة بالنفس، الأخيرة تتعرض الطفلة لها أكثر.

_نقص الإشباع العاطفي للطفل يؤثر سلباً على نموه المعرفي فيتحول إلى كائن عدائي خَطِر على المجتمع والأسرة.
_هناك علاقة بين الحرمان العاطفي والانحراف، حيث أن آلام نقص العاطفة تبقى قوة فاعلة تدفع نحو الانحراف.
_وجود علاقة بين الحرمان العاطفي وقيام الطفل بالسرقة.

_الطفل يرى أُمّه المخلوقة المعجزة القادرة على فعل المستحيلات من أجله وهذا سر تعلقه بأمه، ولا يمكن للطفل رؤية هذه القدرات في زوجة أبيه مهما كانت عطوفة.
_بعض دور الرعاية عيِّنت مشرف لكل طفل لتوفير الرعاية الفردية بدل مشرف لمجموعة أطفال فلم يُجدِ نفعاً في الحد من الاضطرابات السلوكية اللاحقة.
هذا يؤكد أن دور الأم لا يمكن تعويضه


تناقضات المحافظين:

تراقص المحافظون طرباً بالدراسات العلمية…ونشروها بغزارة، مستدلِّين بها على خطورة عمل المرأة على الطفل!
وهذا تزوير عكسي، لأن الدراسات تتحدث عن انفصال الأم عن الطفل_تتحدث عن جريمتهم_ وهم حرّفوها بتعمٌد إلى غياب الأم عن الطفل خلال ساعات العمل ! !
فيكونون، قد ضربوا امرأتين بتزوير واحد، حرموا المطلقة من حقها في الحضانة ، وحرموا غير المطلقة من حقها في العمل.

إن سألناهم: أتؤمنون بالدراسات العلمية وضرر الحرمان العاطفي؟
قالوا: نعم
إذن لماذا تنزعون الطفل من أمه ان تزوجت؟
قالوا: هذا شرع الله!

أحالوا سببية الضرر لشرع الله، فأساؤوا لشرع الله والطفل والأم


قاعدة دينية:

تحقيق مصلحة الإنسان هي الغاية التي جاء الإسلام لأجلها والنصوص الدينية وسيلة لتحقيق الغاية. فإن تعارضت النصوص مع المصلحة لظرف استثنائي: اتفق السلف والخلف على تنحية النص والمضي قُدماً في تحقيق الغاية. بل يجب شرعاً فعل ذلك. فحيثما تكون المصلحة يكون شرع الله.
إذن فحيثما تكون مصلحة الطفل يكون شرع الله.

كما إن دفع الأم للتنازل عن الزواج سعي للحيلولة دون اِنقضاء حاجات الإنسان الفطرية.


القراءة الذكورية للنص الديني:

إن القراءة الذكورية للنص معضلة المسلمين الأزلية في شتى المسائل المتعلقة بالمرأة. أما الأعراب فقد امتازوا بإسقاط ثقافتهم القبائلية على النص الديني فوق القراءة الذكورية.

لا يوجد دليل شرعي يقضي بسقوط حق الأم في الحضانة ان تزوجت، بل يوجد ما يؤكد أحقيتها.
علماً بإن أحضان الأم هي الأصل لموضع الطفل، والأصل لا يحتاج دليل لإثباته، إنما الدليل يلزم الاستثناء وهو تغيير موضع الطفل إلى حضن الأب
لكن محاكمنا القضائية_ وباتفاق مبرم مع المجتمع القبلي_ تطبق عكس الأدلة الشرعية وعكس مصلحة الطفل! تحت وطأة تأثير الثقافة القبائلية في اللاواعي على العين القارئة للنص الديني.

‏دليل الإخوة المحافظين على جواز مقايضة الأم ليس من القرآن ولا حتى البخاري ولا مسلم أيضا.
إنما في كتب أضعف من الصحيحان بحسب تصنيفهم هم لكتب الحديث!!
هنا تتجلى الانتقائية في النصوص متأثرة بالخلفية الثقافية الذكورية. وتختلف المؤثرات الأخرى بحسب الزمان والمكان .


إسقاط أدلة القائلين بسقوط حق الأم في الحضانة ان تزوجت وأدلة إثبات أحقيتها:

يستدلّون بالرواية الغير مذكورة في الصحيحين:
"أن امرأة قالت: يا رسول الله: ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه عني! قال لها رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"أنت أحق به ما لم تنكحي".

يُفهم من عبارة "وثديي له سقاء" أن طفلها مازال رضيع، فكيف يقول لها النبي أنتِ أحق به مالم تنكحي دون التطرق للرضاعة؟ أي إذا تزوجت يُنتزع طفلها الرضيع،
والأغرب فعل والد الطفل!

بالتأكيد لديهم تأويلات تبريرية للرواية
فأنا لست حديث عهد بالتأويل الترقيعي للروايات المخالفة للقرآن والعقل، لذلك سنجد تأويلهم خارجاً عن النص المكتوب، نقيض المعنى الحرفي للنص.


الحسن البصري يرى إن حق الحضانة للأم لا يسقط بزواجها.
نيل الاوطار (6/369)

إذا كان الحسن البصري الذي عاش في حِجر أم المؤمنين أم سلمة، وتلقى تعليمه على يد كبار الصحابة، لا يعلم بهذه الرواية المُبتزّة، فكيف عرف بها من جاءوا بعده ؟
واين البخاري ومسلم عن نقل هذه الرواية المهمه في حين نقلوا روايات أقل منها أهمية وبعضها لا أهمية لها بالمطلق.

قال ابن حزم في المحلى (10/323) مسألة: 2014 :( الأم أحق بحضانة الولد الصغير والأبنة الصغيرة سواء تزوجت أو لم تتزوج رحل الأب عن ذلك البلد أو لم يرحل)
وقال في ذات الصفحة: (فأما الأم فأنه في يدها لأنه في بطنها ثم في حجرها مدة الرضاع بنص قول الله عز وجل "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين" فلا يجوز نقله أو نقلها عن موضع جعلهما الله فيه بغير نص، ولم يأت نص صحيح قط بأن الأم ان تزوجت يسقط حقها في الحضانة)

ابن حزم يؤكد بطلان ذلك الحديث وأن حضانة الأم لا تسقط ان تزوجت.

(وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا…)
[سورة البقرة 233]
ذكر الحق تبارك وتعالى الرضاعة ثم الكسوة ثم "لا تضار والدة بولدها'
لا تضار والدة بولدها: أراها عبارة صريحة تُنصف الطفل والأم  معاً

(ْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ )
[سورة النساء 23]
هذه الآية إيضا تشير إلى حضانة الأم لأبنتها أو ابنها.
الربيبة:  أبنة الزوجة والخطاب لزوج أمها كونها تعيش في حجره.

معلومة أخيرة:
إن الرجل يُتقن التمظهر بحب أبناء زوجته كأبنائه، دون أن يشعر الأطفال بذلك.
أما المرأة _ بفطرتها _ تجد صعوبة في كبح مشاعرها والتظاهر بالمساواة في حب أبناء الزوج وأبنائها_ لا أعمم طبعاً.
والسلام

بقلم/ أخوكم محمد
حُرر بتاريخ / السادس من تشرين الثاني لعام2016

هناك 3 تعليقات:

  1. فترة الرضاعة يبقى عند أمه إن كانت ترضعه وإلا أخذه أبوه وأحضر له مرضعة. قال الله أيضاً "ولا يضار والد بولده"
    حديث أنت أحق به غير صحيح كما في الرابط التالي:
    http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D8%A7+%D9%84%D9%85+%D8%AA%D9%86%D9%83%D8%AD%D9%8A&st=p&xclude=&fillopts=on&d%5B%5D=3&d%5B%5D=4
    وكذلك حديث التخيير لا يصح كما في الرابط التالي:
    https://justpaste.it/LaKhiar
    بينما الحديث الصحيح المتواتر يقول: "أنت ومالك لأبيك". فالأولاد لأبيهم المسلم
    https://twitter.com/AhsnWsom/status/783172468643102721

    ردحذف
  2. كل حديث يخالف العقل والفطرة لا أعترف به،
    لأني على يقين بأن الرسول لم يقله.
    خصوصاً إذا ثبت يقيناً ضرره على المجتمع والفرد

    ردحذف
  3. للمعلومية
    أكثر أهل الحديث لا يحتجون في الحضانة بحديث أنت ومالك لأبيك
    الحديث يتحدث عن ابن وما يملكه.
    ولا توجد أدنى إشاره للحضانة

    ردحذف