السبت، 29 أكتوبر 2016

‏إقصاء كل ما سوى المُتطرِّف .. في الخطاب السلفي

‏أُناشد أخواننا عقلاء السلفية بالعمل على تجديد الخطاب السلفي، لعل رحلة الفشل التي رافقت عُقلائهم عبر التاريخ .. تتوقف، وينجح المعاصرون في إيجاد موطئ قدم على المشهد السلفي.
قديماً فشل عقلاء السلفية في تجديد خطابهم الديني، لأن الحمقى والطائفيون والمتطرِّفون والأغبياء والسذج والمرضى والمنحرفون هم المسيطرين على الخطاب السلفي ( مع ومضات بين فترة وأخرى _ لا تكاد تُذكر )

كان الفقيه السلفي العاقل يُقصى تماماً بمجرد مخالفة هؤلاء المُكفراتية بفتوى فرع فرعية. وأحياناً يبلغ التطرف مداه حيث يُقذف بالفقيه العاقل خارج الفرقة الناجية وهو لم يخالفهم قدر إصبع!
وذلك بطرح سؤال معين_ تكون إجابته بنعم أو لا _ على ذلك الفقيه الذي سيُحكم عليه بالنار بعد قليل،
فإذا أجاب بنعم: فهو مبتدع كافر،
وإن أجاب بِلا: مبتدع وإلى جهنم!
وإن توقف وقال لا أعلم : مبتدع ضال!
أي أن كل الطرق تؤدي إلى جهنم، واللاطريق طريق لجهنم إيضا.
بعد عملية التصفية وتكفير الخصوم انقلب السحر على الساحر، كفّروا بعضهم بعضا لأن الجميع سمع هذا السؤال الماكر!
بل حتى الذي أغلق أذنيه، تم حجز تذكرة له ضمن سرب الطائرات المغادرة إلى جهنم، لأنه تذكّر السؤال بينه وبين نفسه وهرب كي لا يجيب.
كان التكفيرون يمجّدون الفقيه الإمّعه، المتطابق معهم، المُنقاد لآرائهم، لأنه سيتعاطى هروين التطرف بكل السهولة.
إذا أردت معرفة المشهد قديماً، فأن التاريخ لا يعيد نفسه لأن الغلو لم ينقطع حتى يعود، وسلسلة إرهاب الأغيار متصلة.
إن هجومهم الشرس يطفح بالأكاذيب على عقلائهم، فكيف بغيرهم، وسبب هذه الشراسة الحيوانية ليس لأنه اختلف معهم فقهياً، بل لأنه غير مُتطرّف.

من الأمثلة المعاصرة على ذلك:
هجومهم جماعات وأفرادي على د.عيسى الغيث، وهو من عقلاء السلفية. كنا نظن خلافهم فقهي كالعادة، فظهر لنا غير ذلك، كما سأوضح

هذه الغوغائية _وبحسب التصنيف السلفي _ضرب من ضروب الجهاد، ترافقه صيحات التكبير في اللاواعي، وفي الواعي، تحت تأثير المُغريات الآخروية للمجاهد.

ظهر الشيخ عيسى الغيث في أحدى القنوات، كشف كل أكاذيبهم، بل واتضح أنه متفق معهم في الرأي،
لكنه قال: بأنه لا يفرض رأيه على أحد، المتطرف انتعش بسماع هذه الكلمة كممسك على د. عيسى، لأن في دين المتطرفين يجب فرض الرأي الفقهي، ويسمونه الحكم الشرعي.
إذاً د. عيسى الغيث وافقهم في الرأي وخالفهم في أهم مادة دستورية تمتاز بها الهوية السلفية وهي: إقصاء المُغاير، المغاير هنا هو الغير إقصائي،

هذا لا يعني بأني أتفق مع د. عيسى الغيث في كل فتاواه، إنما أخالفه وأوافقه كغيره من الناس.

أعلن الدكتور عيسى الغيث في ذات البرنامج بالبراءة من إقصاء الآخر، قائلاً:
السعوديين أقل من 1% من المسلمين،
فهل يعقل أن 99% كفار وعلى ضلال؟!
طبعاً الغلاة يرون ذلك لكنهم يستخدمون التقيِّة، مُعتقدين بجوازها إذا كانت تخدم آرائهم، ويسمونها ديناً_أي آرائهم_بهذا هم يَجمَعون كل عيوبهم ونقائصم وانحرافاتهم وهوسهم وينسبونها لله_تعالى الله عما يفترون.

مثال آخر على أن معيار الإقصاء لدى الغلاة لا علاقة له بالخلاف الفقهي:
رأينا متطرفين اختلفوا فيما بينهم في أمور حول الصلاة والصيام للمسافر. أثناء السفر وبعد الوصول ومدة الإقامة لحين العودة.
مثلاً أحدهم يفتيك بأن رخصة الإفطار ثلاث إيام، والآخر يسمح لك بإفطار شهر رمضان كاملاً لذات المسألة.
قضايا الصلاة والصيام من الناحية الشرعية أهم بكثير من قيادة المرأة للسيارة، ومع ذلك لم يتم الهجوم على ذلك المتطرف الذي سمح بإفطار الشهر كامل.
طبعاً أنا ضد الهجوم عليه وأرى حرية الاجتهاد مكفولة للجميع، ربما أصاب وربما أخطأ، لكن تصوّروا لو أن ليبرالي أفتى بإفطار رمضان كامل للمسافر!
هذا يؤكد أنهم حين "يُعلنون الجهاد" على المختلف لا لأنه مختلف، بل لأنه غير متطرف.

أحد رموزهم : ظهر في الفضائيات بعد مقتل أسامة بن لادن.
وقال حرفياً : ( "الشيخ" أسامه بن لادن "رحمه الله" برئ من كثير مما نُسب إليه )
لاحظوا لغته الإعجابية بزعيم الإرهاب، رغم الاختلاف المفصلي في الآراء الفقهية بينهما.
مثلاً : ابن لادن يرى دولتنا كافرة وشعبنا كافرٌ بالجملة،
والمتطرف: لم أسمعه يكفر الدولة في "العلن"
عدم إقصاء ابن لادن، دليل في غاية الوضوح أن الهجوم على شخصٍ ما، مشروط بوجود التسامح عنده، خوفاً من انتشار وباء التسامح داخل مدرسة الغلاة.
إن الحب والتسامح ألد أعداء الخطاب السلفي المغالي،
ويستحيل ولادة خطاب معتدل دون حب وتسامح لبني الإنسان.
إن الخطاب الحالي المتطرف: نغلٌ يتغذى على الكراهية والأحقاد وبغض الآخر المختلف.
إنهم يتمتعون بعذابات الآخرين، أقصى أمنياتهم نزول الشر بالمخالف لهم عقدياً.

الغلاة اعلنوا النفير على الشيخ أحمد الغامدي وهو لم يأتي بحرف واحد من لدنه، كل ما قاله هو تكرار لقول آلاف الفقهاء عبر التاريخ الإسلامي.
فالسبب الرئسي لهجوم الكذبة عليه ليس لخلافه معهم بل لأنهم اكتشفوا أنه غير متطرف.
الغزوة الجهادية على الشيخ أحمد مختلفة عن باقي معاركهم الإقصائية.
لأن : 98% من السلف الصالح يقولون بقول الشيخ الغامدي، وأقل من 2% خالفوه، وإن بالغنا نقول أنهم قد يصلون إلى 2%.
هنا الغلاة الكذبة احتاجوا لحزمة من الأكاذيب كتجهيزات للغزوة الجديدة،
لكنهم وقعوا في شر أعمالهم، فلم تنطلي أكاذيبهم على أتباعهم كالمعتاد، فتكفّلت الجماهير بالرد، مدافعين عن الشيخ أحمد الغامدي،
لكن هذه الجماهير المُغفّلة سرعان ما نسوا وتناسوا وعادوا لتسليم رقابهم للكذبة.

هذا الإقصاء الممتد، والتطرف، والكراهية، والعداء، خلق تربة صالحة لاستنبات الإرهاب، وكل ذلك نتيجة الفكر الأحادي،
متى ما خرج العقل من الباب دخلت النظرة الاحادية مع الشبّاك.
التعددية واستيعاب المختلف يولدان من رحم العقل.

كلامي اعلاه لا يعني أن الطوائف الأخرى خالية من التطرف، فلا تخلو طائفة من المتطرفين ولا تخلو طائفة من العقلاء إيضا، إنما أهل مكة أدرى بشعابها.

كتبه أخاكم/محمد
بتاريخ 27 أكتوبر 2016
تويترma1404928@

هناك 4 تعليقات:

  1. بإختصار...
    إن لم تكن معنا فأنت ضدنا..
    ومادمت ضدنا فالحرب قد اعلنت عليك..

    ردحذف
  2. اتمنى اخي محمد ان تبين اكثر موضوع الأسئلة التي ذكرت ..

    ردحذف
  3. ‏هو سؤال واحد أفضى بالسائل والمسؤول إلى جهنم بحسب الفقه السلفي في تلك الفترة.
    السؤال هو / هل لفظي بالقرآن مخلوق؟ أي_ عندما أنطق مثلاً بـ(قل هو الله أحد هل) هل حركة شفتاي ولساني مخلوقة، خلقها الله كما خلق كل شيء؟
    فإن قلت: نعم، خلقها الله فأنت جهمي كافر مصيرك جهنم.
    وإن قلت: لا، حركة شفتاي ولساني ليست مخلوقة عندما أقرأ القرآن،
    فأنت مبتدع ضال ومصيرك جهنم
    وإن توقفت عن الإجابة وقلت (لا اعلم)
    فأنت واقفي مبتدع وإلى جهنم.
    بذلك تم تبديع وتضليل وتكفير كل من سألوه.
    بعد ذلك.. ارتد هذا السؤال الماكر على السائلين أنفسهم.
    لأنهم عندما يسألون غيرهم لابد أن تكون لديهم إجابه بنعم أو لا.
    وهم كفّروا من أجاب بنعم،
    وكفّروا من أجاب بلا،
    وإن قالوا: ليس لدينا إجابه ولا نعلم،
    فهم قد كفّروا من قال: ليس لدي إجابة ولا اعلم.
    فتكفيرهم لغيرهم يلزم منه تكفيرهم لأنفسهم،
    أو يتراجعوا عن تكفير الآخرين.
    عندما تم مناقشتهم رفضوا التراجع عن أحكامهم المسبقة بتكفير أمة محمد،
    وانتهى بهم الأمر إلى تكفير بعضهم بعضا.
    بالتالي صار من السهل إقصاء كل من يريدون إقصاءه، فقط يسألونه /هل لفظك بالقرآن مخلوق؟

    ردحذف
  4. إذا لم يكن شرحي واضحاً لأحد الأخوة أو الأخوات فليسأل..سأشرح له بطرق أخرى حتى تتضح الصورة.
    أقول هذا لعلمي أن هذه القضية تحديداً ليست واضحه لأكثر الناس.. وهي قضية تكشف لنا الخطاب السلفي المتجذر

    ردحذف